رسالة الدكتور/خلف حسن عبدالله الزهراني...

[center]
اتحاد المجلس وأثرة في التصرفات في الفقه الاسلامي
اسم الباحث خلف بن حسن بن عبد الله الزهراني

الجامعة جامعة أم القرى- مكة المكرمة
الكلية كلية الشريعة والدراسات العليا
اسم المشرف ياسين بن ناصر الخطيب
المناقشون .......
التاريخ 1413ه
المقدمة إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا 0
من يهدي الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له 0
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله0
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ))
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) 0
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) 0
أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالي ، وأحسن الهدي محمد صلي الله عليه وسلم ، وبشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ثم أما بعد :
فمما لا شك فيه أن هذه الشريعة من الله تعالي ، وهو بعلم بحال خلقه في دنياهم وما لهم ولذا شرعها شاملة تفي بمتطلبات الزمان والمكان ، متناولة للأحكام الاعتقادية ، والاحكام الأخلاقية والعملية التي يندرج تحتها لبفقه الاسلامي ، وهو الثروة الخصبة للتشريع الإسلامي في جميع المجالات من عبادات ومعاملات ، وأحكام للأسرة 0
والمتصفح للفقه الإسلامي يري أنه قد وفي بحاجة المسلمين – بحق – فما من نازلة أو مستجد إلا وقد بين حكمه ، أما ما لم ينص عليه في كتاب أو سنة فقد قام العلماء علي مر العصور بالنظر فيه ورده إلي أحكام الشرع 0
ومن هنا قام العلماء بجمع الأحكام الشرعية في مؤلفات خاصة بها استفاد منها من جاء بعدهم وآلان وقد اشتدت الموضوع الواحد ، وافراده بالدراسة ، ومحاولة معالجة قضاياه ، فقد قام الباحثون بذلك ، فأفردوا موضوعات معينة بأبحاث مستقلة تناولوا فيها كل ما يخصها ، فأردت أن أنهج نهجهم وأسلك سبيلهم في ذلك ، وعندئذ أعملت الفكر ، ومكثت فترة من الوقت اتجول في المكتبات متصفحا للكتب الفقهية علي اعثر علي موضوع يستفيد منه الباحثون والقارئون فاهتديت بفضل الله تعالي إلي موضوع فقهي تمس الحاجة إلي لم شتاته ، وتجلية مسائله الا وهو <اتحاد المجلس وأثره في التصرفات >0
فبعد الاستخارة الشرعية ، واستشارة الموجه، وجمع من ذوي الاختصاص، استقر رأي علي هذا الموضوع ، وعزمت علي كتابة فيه ، وكان من الأسباب الباعثة علي خوض غماره ما يلي:
أولا: لأنه يعالج قضايا مهمة في حياة المسلم ، ويحتاج إلي معرفة أحكامها0
ثانيا: لأنه لم يكتب في هذا الموضوع – في نظري – مصنف يجمع أشتاته ، ويلم متفرقاته0
ثالثا: لأنه يستنهض همه الباحث في الرجوع إلي ابواب كثيرة من أبواب الفقه ؛ وبهذا ينمي الباحث ملكاته وقدراته الفقهيه0

الخاتمة
بعد أن مع مواد هذه الرسالة مدة من الزمن ، وسرت مع خطواتها سيرا حثيثا اقتضته طبيعة البحث المتسعبة والوعرة، آن لي أن استنبط ملخص ما قصدت تحقيقه من خلالها 0
فقد فرغت من بحث موضوع – اتحاد المجلس وأثره في التصرفات – وتبين لي أهميته الكبيرة إذ هو واحد من الموضوعات التي تحتاجها الأمة ، وتطلب الحكم فيها ، ولا تستغني عن معرفة أحكامه ، فهو جزء مهم تدور عليه أحكام كثيرة وتبين لي من خلال بحثه النتائج والمقترحات الآتية :
1- الشريعة الإسلامية شريعة الكمال والخلود ولذا نراها وفت بحاجات البشر ومتطلباتهم ، ولم تغفل جانبا من جوانب حياتهم0
2- اسلافنا خلفوا لنا ثروة فقهية كبيرة0
3- بما أن الموضوع هو اتحاد المجلس فقد عرفت هذا المصطلح ، وبينت أنه لا يقتصر علي الجلوس بل هو أعم من ذلك فقد يحصل اتحاد المجلس مع الوقوف ، ومع تغير المكان والهيئة0
فكان التعريف باعتبارين:
ما يتعلق بفرد بعينه بأن يتحدد مكان تكرار الفعل وهذا مقصور في بعض العبادات كالوضوء ، وسجده التلاوة 0 وهذا كل بحسبة فاتحاد المجلس في الوضوء عدم تخلل زمن طويل ، أو عدم الفصل باداء قرية0
والاعتبار الثاني: ما يقع بين اثنين وتناولت هذا باعتبار الصيغة وباعتبار خيار المجلس وفصلت في ذلم 0
4- تعلق بهذا المصطلح مصطلحات أخري عرفت بها كتعريف العقد ، والألتزام ؛ لأنهما من المصطلحات الفقهاء الدالة علي ترتيب الأثر الحكمي في المعاملات 0 ثم عرفت التصرف وهو: <كل ما صدر عن الغنسان من قول أو فعل ورتب الشارع عليه حكما شرعيا>0
5- تحدثت عن الإيجاب والقبول ، وبينت معني ذلك وخلاف العلماء فيهما 0
6- تحدثت عن الشروط التي يستوي فيها عقد الحاضرين والغائبين 0
7- رجحت رأي الجمهور الذين يتيحون لمن وجه إليه الإيجاب أن يتراخي في قبوله0
8- لما كان من شروط الصيغة اتحاد المجلس ، وما الصيغة إلا ليجاب وقبول فذهب جمهور العلماء إلي أن الموجب له حق الرجوع عن إيجابه قبل قبول القابل 0
9- اتحاد المجلس شرط لتمام العقد سواء أمان بين حاضرين أم غائبين فاتحاد مجلس عقد الغائب هو مجلس بلوغ الكتاب أو آداء الرسالة أي المجلس الذي يكون فيه القبول 0
أما اتحاد مجلس الحاضرين فهو اتحاد مجلس صدور الايجاب0
10 - الكتابة صالحة لانشاء العقود إيجابا أو قبولغا سواء بين الحاضرين أو غائبين إلا ما اقتضته طبيعة العقودمن وجود الشهادة كالنكاح 0
11- الرسالة ( الرسول ) صالحة لانشاء العقود إيجابا أو قبولا كالمتابة إلا أن الكتابة تختلف عن الرسالة في أن التعاقد الآخر إذا لم يجب في أول مجلس بلوغ الكتاب فالكتاب باق ، بحيث إذا قرئ في مجلس ثان فقبل العاقد الآخر انعقد العقد0
أما في الرسالة (الرسول ) فبمجرد نقل الرسول كلام الطرف الآخر وذكره للطرف الثاني ينتهي أثره، فلا قيمة له في المجلس الآخر0
12- العقد المنشأ بالمخاطبة التلفونية يعد بمثابة العقد المنشأ بين شخصين حاضرين كانهما في مجلس واحد0
13- الفقه الإسلامي يعتمد مبدا الرضا فللموجب – ولو غائبا – أن يرجع عن
إيجابه سواء علم الموجه إليه الرسالة أو الكتابة أم لم يعلم ويحق للقابل أن يعدل عن قبوله قبل أن يصل إلي الموجب0
14- إن التعاقد بواسطة الوسائل الحديثة كالهاتف وما شابهه يتماشي مع ما قرر الفقهاء من قبل بل إن في نصوص بعض الفقهاء ما يمكن أن يعتبر أساسا لفكرة التعاقد بالهاتف 0
15- رجحت العقد في خيار المجلس يكون بالتفرق بالأيدان عن المجلس أو التخاير لرجحان الأدلة في ذلك0
16- أوردت صورا من تطبيقات التفرق:
- التفرق في السوق0
- التفرق في السفينة0
- التفرق في الدار0
- التفرق في التعاقد بالمتابة0
- التفرق في التعاقد بالتنادي عن بعد0
17- يدخل اتحاد المجلس في الأمور التالية: في سجدة التلاوة، وفي سجود السهو في حالة الزيادة عند المالكية، يظهر عند الشافعية والحنابلة فيما إذا صلي صلاة وسلم عن نقص سهوا، وعند ذكر الصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم وفي الصرف، وفي السلم ، وفي المطالبة بحث الشفعة علي الفور عند الجمهور وفي الهبة علي قول الحنفية فقد صححوا استلام الهبة في المجلس ولو كان بغير إذن الواهب وفي عقد النكاح ، وفي الخيار ، وفي كفارة الوطء في الحج عند الحنفية، وفي الإيلاء عند الحنفية والشافعية ، وفي الظهار عند الحنفية ، وفي الإقرار بالزنا أربعا عند الحنابلة وفي الشهادة علي الزنا عند الجمهور عدا الشافعية0

- ولا يدخل اتحاد المجلس في الوضوء علي القول الراجح ، ولا علاقة له بنقض الوضوء بالقئ، ولا يدخل في الطلاق ، ولا علاقة له بالرضاع ،ولا بمحظورات الاحرام ، ولا يدخل في كفارة الأيمان ، ولا في الإيلاء عند المالكية ، وكذا الحنابلة ، ولا يدخل في الظهار عند غير الحنفية ، ولا يدخل في الإقرار بالزنا أربعا عند الحنفية، ولا يدخل في الشهادة علي الزنا عند الشافعية ، ولا يدخل في السرقة وكذا شرب الخمر علي القول الراجح ، وكذا لا يدخل في الإقرار بالقذف والقصاص وحقوق الآدمي0
18- لا وجه ولا عذر للأمة في عدم تطبيق الشريعة الإسلامية فإن الله حذر مخالفته أشد تحذير 0
19- غن الفقه الإسلامي بحر ملئ بالدرر يحتاج إلي غوص في أعماقه لاستخراج هذه الدرر وعرضها وتنظيمها حتي يسهل الإطلاع عليها 0
20- ما يشاع من تقنين الفقه وإلزام القاضي بقول معين والدعوة إليه أرجو أن تفهم ، ويوقف لها بالمرصاد فهي دعوة قديمة ، ولها دعاتها وأشياعها ، فهذه دعوة غريبة ، وأجنبية وغريب علي الأمة أن تحتضن هذه الدعوة والله وأعلم بدوافعها ؛
21- علي علماء الأمة الذين عرفوا بالصلاح ، وسعة الإطلاع والاختصاص ايجاد أحكام لمسائل المستجدة في هذا العصر ، شريطة أن يكون ذلك مبنيا علي التشاور والمصلحة العامة للمة وأن يكونوا من اهل الاجتهاد 0
وفي الختام أدعو الله أن يتقبل مني هذا العمل وسائر أعمالي ، وأن يجعلها خالصة لوجهه تعالي، كما أساله أن يوفق والدي ويرحمهما كما ربياني صغيرا ، فقد قام بتعليمي في وقت لم ينتشر التعليم في بلدتي ورحلا بي فجزاهما الله عني خير الجزاء علي هذا التوجه، كما أدعو لشيوخي وأساتذتي الذين قادوني وحببوا إلي العلم الشرعي 0
ويسرني أن أكرر الشكر والدعاء لشيخي المشرف الدكتور / ياسين بن ناصر الخطيب الذي منحني وقته وعلمه حتي ظهر هذا البحث واستوي علي سوقه0
كما أتقدم بالشكر الوافر لكل من اسدي إلي معروفا وقدم إلي حدمة لإكمال هذه الرسالة فجزاهم الله عني خيرالجزاء
( ربنا أتمم نورنا واغفر لنا إنك علي كل شئ قدير )
( ربنا أمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين )
( ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير )[/center]